الشؤون الإدارية والمالية

إدارة تطوير الموارد البشرية

أثبتت التجارب الحية في العديد من المنظمات أن الممارسات الإيجابية لعمليات تطوير الموارد البشرية بشكل عام تُحسن من أداء العاملين مما ينعكس بشكل إيجابي على مستوى أداء المنظمة ككل، ولعل هذه القناعة كانت مبنية على أساس أن الموظف هو المصدر الرئيس لنجاح المنظمة وتطورها، مما يسلط الضوء على أهمية انتقال دور تطوير الموارد البشرية من التمحور حول العمليات التشغيلية اليومية إلى دور أكبر وبشكل استراتيجي أكثر تُعطى عملية تطوير المورد البشري من خلاله دوراً قيادياً في تطوير المنظمة. فالحاجة ماسه لتحويل العملية من مُجرد تقديم التدريب بشكله التقليدي إلى تقديم خدمات أكثر تقدُماً تُساهم في تطوير المهارات بشكل فاعل يعطي لعملية تطوير المورد البشرية فعالية أكبر من خلال ما تضيفه لاستراتيجية المنظمة بشكل عام.

إن ما تواجهه منظمات الأعمال في الوقت الراهن من تحديات هي بلا شك تعطي أهمية فائقة لعملية تطوير المورد البشري وتسلط الضوء بصورة أكبر من خلال التركيز على مهارات العنصر البشري وجدارته بشكل مُختلف عما كان عليه في السابق. مما أبرز أهمية التعامل مع عملية تطوير الموارد البشرية كشريك في النجاح إن لم يكن أحد مصادر النجاح للمنظمة. كما أنه أصبح من المهم أن يُنظر لمسؤولي تطوير الموارد البشرية بنظرة الشركاء في اتخاذ وصنع القرار الاستراتيجي والمبني على أساس احتياجات المُنظمة. ومن ثم تطبيقها بشكل يعطي استدامة أمثل للمنظمة ولعملية تطوير المورد البشري. ولعل المتخصصين في هذا المجال (تطوير الموارد البشرية) هُم أحد أفضل الخيارات لتمثيل دور المُحفز لعملية التغيير أثناء مراحل تحديد الحاجة للتغيير، تخطيط التغيير، عملية تقييم التغيير، وصولاً لمرحلة التأكد من تنفيذ التغيير بشكل ناجح في المنظمة من خلال تأثيرها على العنصر الأصعب في عملية التغيير ألا وهو الإنسان.

لا يخفى على المطلع على أدبيات الموارد البشرية أن تطوير العنصر البشري هو من وظائف الموارد البشرية الأساسية. حيث عرفها سوانسون وهولتون بأنها: "عملية تطوير المهارات التي تؤدي لتطوير كفاءة الإنسان وفريق العمل، مما يؤدي لتنفيذ أفضل لأعمال المُنظمة". فهي الجهة المسؤولة عن تطوير الأفراد من خلال تطوير مهاراتهم، ومعارفهم، وقدراتهم بما يحقق الانسجام بين التعلم والعمل.

ولقد شملت عملية تطوير الموارد البشرية العديد من الممارسات التي يتم تطبيقها في المنظمات بشكل أو بآخر ولكنها في الأعم الأغلب لا تخرج عن الممارسات التالية:

·         التعليم

·         التدريب

·         التعليم والتطوير

·         التعليم في مكان العمل

·         التطوير الوظيفي

·         التعليم المستمر

·         التطوير التنظيمي

·         التعليم والمعرفة

وكغيرها من العلوم المختلفة، فقد واجه تعريف حدود التدريب العديد من المصاعب لتحديد إطاره كأن تسلط بعض المنظمات الضوء في تطوير الموارد البشرية على مهام التطوير والتدريب، فيما تركز غيرها على عملية التعلم من خلال الممارسات وبناء الرغبة في الموظف أولاً دون غيره.

إن التوجه إلى إيجاد استراتيجية لتطوير الموارد البشرية ينبع من أهمية أن يكون هناك هدف تصب فيه عملية التطوير للمورد البشري بجميع أشكالها ألا وهو الهدف الطبيعي لأي منظمة وهو رفع الأداء. فالتوجه لربط الأعمال الداخلية ربطاً وثيقاً بالتوجهات الاستراتيجية ليس حكراً على أعمال تطوير الموارد البشرية، فالموارد البشرية بشكلها العام والأعمال المالية والفنية وغيرها أصبحت كذلك. مما أوجد بيئة عمل تنتظم تحت أهداف محددة تخدم هدفاً واحداً رئيساً واحد وإن اختلفت المهام.

فقد اتفقت الدراسات بأن وجود استراتيجية واضحة لتطوير الموارد البشرية هو نتيجة طبيعية لما تشهده منظمات الأعمال من تغيرات متسارعة ينتج عنها في كثير من الأحيان ضعف في الحفاظ على الاتساق في تنفيذ الخطط لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظمة. ولعل هذا يتضح من تعريف قرافان والذي رأى أن استراتيجية تطوير الموارد البشرية هي: " أسلوب ومنهج يقود إلى تماسك وتناسق رأسي وتكامل اُفقي لمجموعة عناصر التعلم والتطوير والتي تضاف لاستراتيجية المنظمة بشكل مباشر". فهو هاهنا يُركز على أهمية أن يتم قياس كفاءة تطوير الموارد البشرية بما تقدمه من قيمة لأهداف المُنظمة تحديداً وليس بالأعمال التقليدية لها.

ولعلنا مما سبق نصل إلى صورة وتعريف يضاف إلى التعريفات السابقة وهو أن: "استراتيجية تطوير الموارد البشرية هي عملية متزامنة في مداها ولا تتعدى في مجالها الخطة الاستراتيجية للمُنظمة ويتم إدارتها كجزء من إدارة الموارد البشرية أو أحياناً مُنفصلة في أعمالها ويُستهدف من خلالها تحقيق أثر ايجابي على أداء المُنظمة ككُل من خلال القيمة التي تُقدمها لرؤية ورسالة المُنظمة". ولعله من الواضح في إطار التعريف ومن خلال استخدام مصطلح الاستراتيجية فإن تطوير الموارد البشرية الاستراتيجية هو عملية تمارس أنشطتها وتمتد نظرتها على مستوى المنظمة ككل وليس في حدود النظرة البسيطة المبنية على تقديم خدمات تدريبية تُعرض لمن يرغب في الاستفادة منها وكفى. لذا، فقد تم التفريق بين تطوير الموارد البشرية الاستراتيجية وتطوير الموارد البشرية بما تحققه من ربط بين أهداف المنظمة وعملية تطوير الموارد البشرية. وكأي مفهوم حديث، فقد واجه هذا المفهوم من بعض المهتمين بهذا المجال انتقاداً من ثلاثة أوجه وهي كالآتي:

·         أنه لا يوجد من اختلاف في أن دور تطوير المورد البشري هو عملية مهمة، وأن عملية تطوير الموارد البشرية هي في الواقع تقوم بدور مهم في تحقيق أهداف المُنظمات.

·         أن التوجه لهذا المفهوم يُسلط الضوء أكثر على الجانب الإداري والصلاحيات فيما أهمل جانب الأنشطة والفعاليات.

·         تقديم تطوير الموارد البشرية الاستراتيجي بشكل أُفقي مما تجاهل أهمية أن تكون عملية تطوير الموارد البشرية ذات أبعاد مختلفة وذات تركيز أكثر على الأعمال التقليدية بما يتوافق مع مفاهيم الجودة.

ومن خلال ما تم طرحه، يتبين لنا أن تطوير الموارد البشرية برغم النقد الذي وجه له قد أصبح حاجة ومُمارسة قائمة بالفعل، يقدم دوراً وقيمة واضحة لأهداف المًنظمات التي تتبني أفضل مارسات.

كما أن تحول تطوير الموارد البشرية إلى الاستراتيجية قد قدم بالفعل إدارة أفضل للموارد المتاحة وفعالية أعلى للأنشطة والمُمارسات.

 

آخر تحديث 8/18/2019 5:51:12 PM